"يسقط على الأرض، وينظر إلى قدميه التي خانته، ويلعن الحظ الذي يصادفه، ويبدأ في البكاء، ومن ثم يجري عليه لاعبو فريقه، والجهاز الطبي، ليطمأنوا عليه"، اللعنة كريستيانو رونالدو تعرض للإصابة، فهذه مباراة عمره في نهائي اليورو الثاني له أمام فرنسا".

هي لحظات صغيرة مرت على الجميع، ولكن على كريستيانو رونالدو كانت كالساعات، أشياء كثيرة مرت بجواره، لحظات سعيدة، وأخرى حزينة شاهدها مثل فيلم درامي، ملئ بالمشاعر الكئيبة والمفرحة، ولكن هل نهايته ستكون جيدة؟

يورو 2004

عودة للوراء قليلاً " الجميع ينتظر فوز البرتغال بالبطولة.. هذا هو عامهم، على أرضهم ووسط جماهيرهم، سيلاقوا منتخب حقق مفاجآت كثيرة بالفوز على فرنسا، ومن ثم التشيك، ووصوله للنهائي، ولكن البطولة على أرضنا، وبين جماهيرنا، سنفوز، بالتأكيد سنفوز".

فرحة ملأت أعين اللاعب صاحب الـ19 عام كريستيانو رونالدو، سيلعب نهائي "اليورو" على أرضه التي شهدت تألقه "البرتغال"، وجمهوره الذي يريد أن يقدم أوراق اعتماده لهم سريعاً، ليكون معشوقهم الأبدي فيما بعد، عيون سعيدة لشاب صغير، كان يحلم بفوز منتخب بلاده باليورو.

ولكن القدر أعطى الفرصة لليونان من أجل إسعاد شعبها البسيط، والفوز باللقب أمام دهشة الجميع، وأمام الشاب كريستيانو الذي أجهش بالبكاء على ضياع لقب كان تحت يديه، وهو في سن صغير، ولكن القدر كأنه يقول له "انتظر، ستكون الفرحة بعد حزن وألم كبير".

انتصار 2016

نعود لحاضرنا، "الجميع يجري نحو كريستاينو، يا ألهي رونالدو أصيب، ما العمل، اللاعب لا يستطيع تحريك قدميه، وبدأ بالبكاء الشديد، ولكن في عينيه تصميم على استكمال اللقاء".

يذهب رونالدو لخارج الملعب على أكتاف مساعديه، وأمله فقط استكمال اللقاء، وإحراز اللقب، "مشهد خسارته اللقب من قبل يسيطر على تفكيره، وصورته هو يبكي كالطفل تجعله يتحسر بدل المرة ألف، أريد المشاركة أريد الفوز، هذا ما كان في ذهن رونالدو فقط".

الجميع ينتظر ما الذي سيحدث، ها هو رونالدو ينزل لأرضية الميدان مرة أخرى، وهو عازم على استكمال اللقاء، وسط فرحة عامرة من جماهير البرتغال، ها هو رونالدو لديه الكرة بالتأكيد سيجري كالفهد على المرمى لدّك حصون الديوك، ولكن لحظة رونالدو لم يجري كعادته، أنه يسقط مرة أخرى رافعاً راية الاستسلام لإصابته اللعينة، أنه أصيب، ولن يستكمل اللقاء".

مشهد كان كفيل لهز ثقة البرتغال، ولاعبيه، أفضل لاعب لديهم خرج في الدقائق الأولى من مباراة الحلم، هل من مساعد، كريستيانو يبكي، وقلوب البرتغاليين تحترق حزناً عليه، وعلى حلمهم الذي سيضيع، هل من مساعد؟

ينزل لاعبو البرتغال في الشوط الثاني، وهم يفكرون ما العمل؟ رونالدو أصيب، ما الحل؟، ولكن نحن لاعبون مثل رونالدو، نشارك باستمرار مع فرقنا، ومشجعينا هناك يثقون بنا، نحن أهل للثقة، نعم نعم سنفوز، وسنعطي هذا الانتصار لقائدنا رونالدو الذي معنا بقلبه، وحماسه بالملعب.

تمر الدقائق، والثقة تزيد، دفاع صلب، وأداء متوازن لم نشهده من قبل البرتغال طوال البطولة، التي فازت فقط بمبارتين قبل هذا اللقاء، لتصل "بالصدفة" كما يعتقد البعض للنهائي.

تنتهي المباراة بالتعادل السلبي، والاحتكام للوقت الإضافي هو الحل، ما هذا، أنه رونالدو يعود لأرضية الملعب، واقفاً على قدميه من أجلنا نحن فقط، جاء إلينا وهو يتحمل الألآم ليكون معنا، "هذا ما دار في ذهن لاعبي البرتغال".

الشوط الإضافي يبدأ، البرتغال أفضل، يستحوذ على مجريات الأمور، ويصيب مرمى الديوك، ولكن هوجو لوريس بالمرصاد، أنها تقترب، هل البرتغال ستفعلها؟.

الشوط الإضافي الثاني بدأ، مهاجم سوانزي سيتي إيدير الذي رحل عنهم لسوء أدائه في أرضية الملعب، هل يكون المنقذ؟ أخذ الكرة، ومر من الجهة اليسرى، ما هذا؟ أنه يمر من المدافع، وتخطى الثاني، ها هو يسدد، يا ألهي أنه هدف الانتصار، فرحة لا توصف من قبل جماهير، ولاعبي البرتغال، تحقق حلم رونالدو، مع أنه لن يشترك فيه.

تحول بكاء رونالدو إلى فرحة كبيرة بعد انتهاء اللقاء بفوز البرتغال، من كان يتصور هذا، من بكاء شديد منذ قليل، إلى فرحة عارمة دخلت قلبه.

تحقق الحلم، وفازت البرتغال، وتحوّل البكاء لفرحة ولكنها مصطحبة بدموع السعادة، الآن ينظر رونالدو للسماء ويبتسم، ويقول "نعم القدر ترك لي هذه الفرحة التي جاءت بعد حزن وألم كبير".

عام 2004 كان فرحة تحوّلت لحزن، والآن في 2016 بعد 12 عام تحوّل الحزن لفرحة كبيرة، تهانينا يا رونالدو فأنت البطل.