الأسد ابن المحلة.. صحيفة أمريكية ترصد مشوار محمد النني: كان ينام مع الكرة ولديه بلوتوث محمد صلاح!
أشاد المتابعون لمباراة آرسنال ومانشستر يونايتد بمستوى لاعب وسط منتخب مصر الأول، محمد النني، ومساهمته في الحفاظ على تقدم وفوز الجانرز بهدف نظيف على ملعب "أولد ترافورد" يوم، الأحد الماضي.
نال النني التقدير والاحترام من العديد من خبراء الكرة الإنجليزية وعلى رأسهم بول سكولز وبعض أساطير نادي آرسنال بالإضافة إلى مدربه الحالي، ميكل أرتيتا.
انتقال محمد النني إلى صفوف آرسنال يعود إلى يناير 2016 من بازل، أي ما يقرب من 5 سنوات ولكن من خلال أدائه المميز أمام مانشستر يونايتد يبدو وكأنه صفقة جديدة بعدما عاد من فترة إعارة لمدة موسم في بشكتاش.
هكذا تحدثت صحيفة "ذا أثليتك" الشهيرة في أمريكا وإنجلترا عن ابن مدينة "المحلة" التي تقع على بعد 70 ميلاً من شمال القاهرة، كان يلعب أحيانًا كرة القدم في الشوارع لمدة 10 ساعات في يوم واحد، هذا هو المكان الذي بنى فيه قدرته على التحمل والتي ظهرت في مباراة مانشستر يونايتد.
ونشرت الصحيفة تصريحات من محمد النني وتحدث عن أبرز صفاته، وقال المصري الدولي: "أحب دائمًا أن أكون حالة حركة مستمرة، الجري جزء من وظيفتي في الملعب".
هذا ما جعل المدير الفني للفريق الأول لكرة القدم بنادي آرسنال، ميكل أرتيتا، يشيد بقدرات محمد النني لأنه يعرف إمكانيات اللاعب جيدًا منذ أن كانا لاعبين في الفريق قبل اعتزال الإسباني، حيث قال: "أعتقد أنه يعرف جيدًا ثقافة نادٍ مثل آرسنال، فهو شخص يحظى بإعجاب الجميع هنا، والآن يظهر كل إمكانياته الفنية التي لطالما اعتقدت أنه كان يمتلكها".
ناصر النني (الوالد) – التأثير الأكبر
كان مدربًا في فريق الشباب بنادي بلدية المحلة في مسقط رأسه، قام بتدريب محمد من سن الثالثة، حتى إنه شجعه على النوم مع كرة القدم في سريره، وكان يقول لـ محمد النني: "يجب أن تركز فقط مع الكرة وتكون كل حياتك".
كان جزءًا من أكاديمية النادي الأهلي في القاهرة خلال فترة الطفولة، قبل الانتقال إلى نادي المقاولون العرب وكان بجانب نجم ليفربول الحالي، محمد صلاح (الأكبر سنًا بشهر واحد)، علاقة الثنائي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، حيث بدأت في المقاولون وانتقلا سويًا إلى بازل في سويسرا والآن في إنجلترا إلى جانب كونهما نجمين في منتخب مصر الأول.
هذا ما تنبأ به لهما مدرب فريق الشباب بنادي المقاولون العرب، حمزة الجمل، من خلال تصريحات صحفية مصرية كما نشرتها "ذا أثليتك": "على الرغم من صغر سنهما، إلا أنهما كانا لاعبين موهوبين للغاية ويتمتعان بمهارات فنية وتكتيكية رائعة، لكن أكثر ما تميزا به هو شخصيتهما وطريقة تفكيرهما".
الانطلاقة السويسرية
كانت بداية محمد النني في قارة أوروبا من سويسرا في بازل عام 2013، ويتحدث المدير الرياضي لنادي شيكاغو فاير الحالي، جورج هيتز، والذي كان يعمل بنفس المنصب بالنادي السويسري قبل 7 سنوات: "أتذكر عندما كنا نتفاوض مع المقاولون العرب بشأن صفقة محمد صلاح، أخبرني رئيسهم أن لديه لاعب آخر يمكن أن ينضم لنا، كان يقصد محمد النني".
وأكد هيتز أن رئيس المقاولون العرب قد أخبره بأن اللاعبين يحظيان بعلاقة صداقة رائعة ومن الممكن أن يشكلا ثنائيًا رائعًا في بازل: "ما زلت أتذكر ما قاله عن محمد النني، لديه بلوتوث مع محمد صلاح".
في النهاية تم إقناع بازل في النهاية بالتعاقد مع النني، الذي كان قد شارك بالفعل مع منتخب مصر الأولمبي في أولمبياد لندن 2012، لكنه كان لا يزال في العشرين من عمره، ووصف اللاعب هذه المشاركة في عام 2015: "كان الخوف يسيطر علي في تلك البطولة وهي مشاعر طبيعية وعاطفية".
أشاد هيتز بمستوى محمد النني بعد خضوعه لاختبار فني في فترة الإعداد لموسم 2012/2013، وقال: "يمتلك العديد من الصفات المميزة، خاصة مهاراته في التمرير والضغط والجري مثل الحصان".
أيضًا كان هناك إعجاب كبير من قبل الظهير الأيمن لنادي بازل، فيليب ديجن، والذي طالب هيتز ورئيس النادي بالتعاقد مع النني، وقال: "يجب عليكما التوقيع مع هذا اللاعب على الفور، إنه يلعب بنفس طريقة شفاينشتايجر (لاعب وسط بايرن ميونخ ومانشستر يونايتد الأسبق)".
ووقع بازل مع النني على سبيل الإعارة لمدة موسم قبل أن يقوم بشرائه بقيمة 800 ألف يورو، ولم يجيد سوى اللغة العربية لذلك كان محمد صلاح يقوم بمهمة الترجمة.
وعاش محمد النني بعدها في مبنى سكني بجانب ملعب "جاكوب بارك" الخاص بنادي بازل، واتبع نظامًا تدريبيًا قاسيًا مع التركيز كليًا على تدريبه وصلواته الخمس وهو أمر ما زال مستمرًا عليه، ويقول أحد المصادر داخل نادي آرسنال: "النني يبدو لي لاعبا تقليديا قديما، يذهب إلى العمل ويؤدي وظيفته ويعود إلى المنزل لأسرته".
آرسنال – مغامرة جديدة في إنجلترا
بفترة تواجده في بازل، لفت محمد النني الأنظار إليه في آرسنال من خلال قسم الخبراء والمحللين لأداء اللاعبين خارج إنجلترا، جعلت أحد الكشافين يسافر إلى بازل لمتابعة أدائه ثلاث مرات ويدعى فرانسيس كاجيجاو، بالإضافة إلى العديد من المباريات الأخرى عن طريق الفيديو قبل تقديم ملف كامل عن اللاعب للنادي والجهاز الفني.
كان آرسنال يتطلع لإضافة لاعب إلى خط الوسط بعد فشله في التعاقد مع أي لاعب كبير في الميركاتو الصيفي عام 2015، حيث ضم فقط بيتر تشيك من تشيلسي.
لم يكن محمد النني على رأس أهداف فريق المحللين في آرسنال، ولكن نظرًا لصعوبة التوقيع مع صفقة كبيرة في يناير، تحركوا من أجل حسم الصفقة مع بازل لتدعيم خط الوسط.
آرسين فينجر، كان قد تابع محمد النني عن طريق الفيديو أكثر من مرة، ومن خلال اجتماعاته مع فريق المحللين، كانت النتيجة هي أن اللاعب المصري الدولي من الممكن أن يكون مفيدًا لصالح آرسنال لأنه يمتلك بعض الصفات التي تمكنه من أداء واجبات مختلفة في خط الوسط.
أثبت محمد النني ذلك بشكل كبير مع آرسنال، فمن الصعب أن تقول إنه كان يؤدي بشكل سيء على الرغم من عدم تألقه أيضًا في بعض المباريات، لكن الثبات كان أحد نقاط قوته، بينما الثقة لم تكن كذلك بحسب بعض المقربين من اللاعب وأحد أعضاء الفريق السابق.
في صيف 2018، كانت هناك مقارنة داخل آرسنال بين محمد النني والصفقة الجديدة وقتها من نادي لوريان، ماتيو جندوزي، قبل التعاقد معه لأن الأول كان هو المتفوق في الصفات البدنية والفنية.
ومع ذلك، في موسم 2019/2020 احتاج محمد النني إلى التغيير لأنه فقد مكانه في تشكيل المدرب أوناي إيمري، الذي استبعده من أغلب المباريات في آرسنال، وانتقل وقتها على سبيل الإعارة إلى بشكتاش مع بقاء ثلاث سنوات على عقده مع آرسنال.
بشكتاش: عودة الثقة
انضم محمد النني إلى بشكتاش لمدة موسم وسرعان ما أثبت نفسه في فريقهم، بين أول ظهور له في سبتمبر ونهاية الموسم في أواخر يوليو، كانت المباريات الأربع الوحيدة التي غاب عنها في الدوري التركي كانت بسبب الإيقاف (الطرد أمام غازي عنتاب).
كان أداء محمد النني مميزًا مع بشكتاش، لكن كانت هناك بعض المشاكل المالية في إدارة النادي التركي خاصة بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، والتي أجبرت بشكتاش على عدم دفع بعض الشهور من راتب اللاعب وهو ما يعني صعوبة في تقديم عرض لصالح آرسنال لضم المصري الدولي نهائيًا على الرغم من رغبة المدرب، سيرجين يالتشين، في الإبقاء عليه، وقال في أحد المؤتمرات الصحفية: "النني كان اللاعب الوحيد الذي كنت أتمنى ألا يغادر، لكن تكلفته كانت باهظة للغاية".
آرسنال الجزء الثاني: مستوى استثنائي
أبلغ النادي الإنجليزي محمد النني بالعودة إليه مرة أخرى بعد نهاية الموسم الماضي، بسبب صعوبة تجديد الإعارة مع بشكتاش أو البيع النهائي، على الرغم من أنه لم تكن هناك أي اتصالات مع آرسنال أو أرتيتا الذي استلم المهمة في ديسمبر 2019 بعد رحيل أوناي إيمري، وهو ما اعترف به اللاعب نفسه في حوار لموقع النادي الرسمي: "قبل عودتي لم أتحدث مطلقًا مع أرتيتا".
وفي أول تدريب، أثار النني إعجاب أرتيتا من خلال مستواه الفني ورغبته في الاستمرار مع آرسنال، حيث عاد إلى النادي اللندني أكثر لياقة من بعض زملائه في نفس المكان، وشعر اللاعب بأن لديه فرصة مع وجود توقعات بإحداث تغييرات كثيرة في وسط الملعب بالميركاتو الصيفي الماضي.
وعلق النني وقتها بنبرة تفاؤل: "كان الجميع متحمس لرؤيتي مرة أخرى، عندما تدربت مع الفريق، كانت هناك تعليقات إيجابية على أدائي، وأكدوا أن بهذا الأداء يمكنني استعادة ثقتي بنفسي في آرسنال، وهو ما أحاول أن أبني عليه وأتعلم في كل يوم شيء جديد".
هذا لم يكن أمرًا جديدًا على النني داخل آرسنال، حيث أكد آرسين فينجر من قبل في عام 2016 أن اللاعب محبوب من الجميع ويتطور ويقدم كل ما لديه بنسبة 100% في التدريبات، وقال: "محمد شخص ودود مع الجميع ومتواضع للغاية، ولذلك فأنا معجب بسلوكه ومن أشد المعجبين به من الناحية الإنسانية قبل أن أتحدث عن إمكانيته الفنية".
ونشرت صحيفة "ذا أثليتك" تصريحات من مصدر داخل آرسنال وبالقرب من مركز التدريب للفريق الأول: "النني يشبه أوباميانج، يمتلك نفس الطاقة والحيوية، يبتسم دائمًا ولديه وقت دائمًا لأجلك للتحدث قليلًا".
وتشير الصحيفة إلى أن تواضع محمد النني يتماشى طرديًا مع زيادة عدد المتابعين له في حسابه على "تويتر"، حيث يمتلك اللاعب 4.5 مليون متابع أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف من أوباميانج صديقه المقرب حاليًا في آرسنال، وعلى الرغم من أنه أصبح نجمًا كبيرًا في مصر لم يتغير، وهو ما صرح به من قبل: "حتى لو اعتبرتني الجماهير نجما، فأنا لست كذلك، لأنني شخص عادي، من وجهة نظري الشعور بأنني نجم خطر لأنه من الممكن أن تؤذي نفسك بتلك الطريقة أو إنهاء مسيرتك الكروية، وستقع في حفرة عميقة لذلك أتمنى أن استمر على هذا النحو ونفس التواضع للنجاح في كرة القدم".
وتترجم شخصية النني كما وصفتها الصحيفة الشهيرة أسلوبه على أرض الملعب، فهو لاعب غير أناني ويساعد زميله بخط الوسط على التألق، ليس من قبيل الصدفة أن يظهر (توماس) بارتي بهذا المستوى الجيد بجانبه، لذلك محمد النني لاعب مكمل بطبيعته.
ولكن هذا لا يعني أنه لا يجيد التألق بمفرده، فهو كان مشاركًا في هدف الفوز أمام رابيد فيينا (الدوري الأوروبي)، وعندما ارتدى شارة القيادة لبضع دقائق أمام دوندالك يوم الخميس الماضي، وصف نفسه بأنه يشعر بالفخر والامتنان.
مانشستر يونايتد: نقطة فارقة للأذهان
توج محمد النني مستواه منذ بداية الموسم ومشاركته الشبه مستمرة مع أرتيتا بأداء خرافي أمام مانشستر يونايتد يوم الأحد الماضي، سيعيش لفترة طويلة في ذاكرته وذاكرة جماهير آرسنال، لأنه ساهم في فوز آرسنال لأول مرة خارج أرضه على فريق من الستة الكبار منذ يناير 2015 (مانشستر سيتي 2-0).
من المتوقع أن تكون هناك مباريات يعتمد فيها أرتيتا على الثنائي جرانيت شاكا وداني سيبايوس، بدلًا من محمد النني وتوماس بارتي لكن المصري الدولي قد أثبت نفسه على الأقل كبديل مثير للاهتمام.
واختتمت الشبكة تقريرها بأن توماس بارتي يمتلك وشمًا على ذراعه الأيمن عبارة عن أخطبوط، في إشارة إلى فترة تواجده مع نادي ألميريا وكان يلقب بهذا نظرًا لأسلوبه الفريد لقطع الكرات بساقيه، ولكن الغاني قد وصف زميله محمد النني في آخر ما نشره عبر حسابه على "إنستجرام" بالأسد، ليصبح وسط آرسنال مدعم بالأخطبوط والأسد.