""في أي مكان أخر كان بإمكاني أن أفوز ببطولات وألقاب أكثر، ولكن بطولتي الأعظم هي الإخلاص لروما".

هل تمنيت كمشجع لكرة القدم أكثر من أسطورة تمثل فريقك وتتدافع عن ألوان قميصه منذ نعومة أظافره حتى تأتي لحظة نهاية المسيرة مهما كانت الإغراءات في عالم الساحرة المستديرة؟

بالطبع ستتوج ذلك البطل ملكاً على عرش قلبك ومدينتك وبمجرد أن يُذكر اسم ناديك هذا ستأتي صورته في مخيلتك كونه ملك روما المتوج، ببساطة هذا ما فعله فرانشيسكو توتي وهذا كان رد فعل جماهير العاصمة روما تجاهه .

قد تتفق أو تختلف على حب بعض اللاعبين لكن هناك أسماء تستطع في عالم الكرة وتجبرك على تقديرها واحترامها مهما كان انتمائك بل وقد تتمنى أن تراه يمثل فريقك رفقة أبطالك المحبوبين .

اليوم أسدل الستار على مسيرة أيقونة بعالم كرة القدم الإيطالية، توتي والذي خاض أخر مواجهة له بقميص الجيلاروسي أمام جنوى، وسيظل يوم 28 – 5- 2107 بمثابة جنازة لكرة القدم وليس حفل وداع مثلما علّق فينسينت كانديلا لاعب روما السابق ورفيق المخضرم توتي

ودعه ملعب الأولومبيكو ببكاء حار من جماهير الجيلاروسي وخادعت الدموع الجميع لتنزلق على الوجوه وسط تصفيق حار للملك، بلافته لخصت الأمر في 3 كلمات : "توتي هو روما".


ماذا قال الملك في خطاب الوداع ؟  

"شكراً روما، شكراً أبي شكراً أمي، شكراً زوجتي وأصدقائي بدأت الخطاب من النهاية لأنني أشك أنني سأصلها"، هكذا كانت كلمات الملك فرانشيسكو توتي قائد روما الإيطالي في مباراته الأخيرة كلاعباً للجيلاروسي .

وأختتم القائد توتي اليوم مسيرته رفقة روما في مواجهة جنوى التي ربحها الجيلاروسي بهدف في الدقيقة 90 وأنهى المباراة لصالحه بنتيجة 3-2 بعدما سجل بيروتي هدف الوصافة الذي منح الفريق التأهل مباشرة لدور المجموعات بدوري أبطال أوروبا .

القائد المخضرم أستكمل خطابه:" من المستحيل أن تختصر 28 عاماً من التاريخ في جمل قليلة، أود أن أفعل ذلك مع أغنية أو قصيدة، لكن لست قادراً على ذلك على مر السنين، حاولت أن أعرب عن نفسي من خلال قدمي، والتي جعلت كل شيء أبسط بالنسبة لي منذ أن كنت طفلا، بالمناسبة هل تعرفوا ما هي لعبتي المفضلة؟ كرة القدم بالطبع لا يزال ذلك واضحاً، لكن في بعض الأوقات بالحياة تتقدم بالعمروهذا ما قيل لي ولذلك قرر الوقت، الوقت اللعين، بالعودة إلى 17 يوليو 2001 أردنا جميعاً أن نمر بسرعة لم نتمكن من الإنتظار لسماع صافرة النهاية، اليوم جاء الوقت ليضع يده على أكتافي ويقول لي علينا أن نكبر، غداً عليك أن تكون راشداً، تترك ذلك الزي وهذا الحذاء ، لأنك من اليوم رجل لم تعد قادراً على التمتع برائحة العشب في الملعب والشمس تنعكس على وجهك من مرمى الخصوم، الأدريناليين يستهلكك، واحتفال الفرح، على مدى الأشهر القليلة الماضية سألت نفسي لماذا أتسيقظ من ذلك الحلم، تخيل أنك طفل يحلم بحلم جميل ومن ثم تأتي والدتك لتوقظك للذهاب إلى المدرسة، تريد أن تبقى لتحلم، أن تنزلق مرة أخرى وتعود لذلك الحلم لكنك لا تستطيع ، هذه المرة ليست حلماً ولكن واقعاً، لم أتمكن من العودة، أريد أن أخصص هذه الرسالة لكم جميعاً لجميع الأطفال الذين دعموني، لأبناء الأمس الذين كبروا وأصبحوا أباء اليوم وربما يصرخوا " توتي هدف" ، روايتي أصبحت بالنسبة لكم حلم أمرره لكم لتكملوه، أخلع قميصي للمرة الأخيرة، على الرغم من أنني غير مستعداً لقول هذا يكفي ، أغفروا لي عدم موافقتي على الظهور في مقابلات وتوضيح أفكاري، لكن ليس من السهل ، أنا خائفاً، نفس الشعور الذي ينتابك حين تقف أمام خصمك لتسدد ركلة جزاء، هذا الوقت أحتاج لحبكم ودعمكم به سأتمكن من طوي الصفحة بنجاح  وألقي بنفسي في مغامرة جديدة، الأن حان الوقت بالنسبة لي لأشكر زملائي في الفريق، المدربين، كل من رافقتهم، إلى المشجعين والكورفا سود، الأن سوف أدخل لغرفة تبديل الملابس التي رحبت به كطفل، والأن سأتركها كرجل، فخور وسعيد لبقائي هنا 28 عاماً أحبكم".

لماذا عشقته جماهير روما واحترمه جميع الخصوم؟

لقطات محببة سلط الموقع الرسمي لليويفا الضوء عليها نسردها معاً

" روما هو كل شيء بالنسبة لي، كل شيء يرغب به الشخص، العاطفة، الحب، والفرح، الفريق الذي دوماً شجعته وسأظل ".

إنتماء رائع من مخضرم رفض الإغراءات ليظل يدافع عن قميص الذئاب حتى وإن كانت المسيرة معه متواضعة على نطاق البطولات سكوديتو وحيد، كأسين إيطاليين، ولكن بالمقابل سمعة ضخمة هائلة وفنيات بعالم الكرة أبهرت الجميع سواء رفقة منتخب بلاده الذي ظفر معه بلقب المونديال لعام 2006 قبل أن يعلن إعتزاله دولياً حينها، أو مع الجيلاروسي .

عظيم .. ظاهرة

وهذا كان تعليق الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة الإسباني في صورة وضعها عام 2015 عبر انستجرام بعد مباراة جمعت الفريقين في كأس خوان جامبر الودية .

التواضع وإنكار الذات

توتي سفير للنوايا الحسنة لمنظمة اليونيسيف الدولية منذ عام 2003 يقدم دوره على أكمل وجه، كتابه الأكثر مبيعاً ووديته مع نجم كرة التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش، حتى قميص ميسي الذي حصل عليه، لم يضيفه إلى مجموعته الشخصية بل ذهب عائد كل هذا إلى مزاد خيري .


"رقم 10 هو بمثابة جلدي الثاني الذي أرتديه، لكن يجب أن تتاح الفرصة للجميع لإرتدائه، وتكريمه من خلال تحقيق أعلى الأهداف الممكنة" وذلك كان رده بعد تذمر جماهير الجيلاروسي عند وفود البرازيلي جيرسون البالغ 18 عاماً وانتشار أنباء بإرتدائه القميص رقم 10 في العام الماضي

 

العمر لا يؤثر على أدائه

بعد أن أصبح أقدم هداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا بعام 2104 و بلوغه لسن الـ38 علّق" 38 عاماً لكن لا أشعر بذلك ".

في كل وقت هو القائد  بعد أن أعتبره الكثيرون خليفة لتوتي في قيادة الجيلاروسي واعتباره قائد الفريق المستقبلي قال دانيلي دي روسي: " كصبي كنت أشعر بالنشوة لرؤيته وهو يلعب، لا يزال يفعل أشياء مذهلة على أرض الملعب، سأظل القائد المستقبلي للأبد لأن توتي في كل وقت هو القائد ". 

وركلات جزاء على طريقة خاصة

حتى في تسديد ركلات الترجيح كان له طريقته الخاصة الأنيقة، تسديد في زوايا صعبة ومستحيلة تحمل لقب السهل الممتنع، ركلة جزائه الشهيرة على طريقة بانينكا بيورو 2000 في شباك المنتخب الهولندي، وركلة جزاء أخرى بكعب القدم، وقال :" أنت تصوب ركلة جزءا بتلك الطريقة في مباراة كهذه فإما تكون مجنوناً أو جيداً حقاً، لا أعتقد أنني مجنون ".

إحتفاله يجعل كل هدف يبدو من نوع خاص

على الرغم من تسجيله لكثير من الأهداف إلا أن كل هدف له يبدو من نوع خاص بطريقة إحتفاله، بهدف الديربي ضد لاتسيو في 2012، أخذ مكان مصور الكاميرا ووجها لمشجعي الجيلاروسي بالكورفا سود، ومرة أخرى ضد لاتسيو أيضاً بديربي العاصمة يلتقط صورة " سيلفي " مع جماهير روما وعلّق:" عادةً لا ألتقط كثير من الصور الشخصية، ولكن كسرت رقماً قياسياً هاماً وأردت أن أجعلها لحظة أتذكرها ".

وبعد أن كسر رقم أسطورة كرة القدم الإيطالية روبيرتو باجيو، بالكالتشيو، في مباراة روما أمام باري بعام 2011 ، وقاد فريقه للعودة والفوز بنتيجة 3-2 رفع قميصه وهو يرتدي تحته أخر كُتب عليه:" ملك روما لم يمت "


ردود الأفعال : 


لم تتباين ردود أفعال الأندية واللاعبين بالمباراة الأخيرة للملك، فنشر الحساب الرسمي لبرشلونة صورة تجمع توتي بالقائد ليونيل ميسي وكتب عليها " قائد .. يوم توتي ".

ونشر سيرجيو راموس قائد ريال مدريد:"شكراً للقائد توتي ".

وبالإنتقال إلى رفاق الأمس ما بين لاعبي المنتخب الإيطالي ودعه باولو مالديني أسطورة ميلان الإيطالي :" شكراً على الهدية فرانشيسكو ، ولكن قبل كُل شيء شكراً لـ إمتاعي وإمتاع الملايين من مشجعي كُرة القدم بـ كُراتك .

 وكتب أندريا بيرلو نجم يوفنتوس السابق:"شُكراً فرانشيسكو على هذه الهدية اليوم هُو يوم خاص ، إستمتِع بهذا اليوم وحظّاً سعيداً لك، عِناق ".

ونشر فابيو كانافارو نجم يوفنتوس السابق:" 784 مُباراة خلال 25 سنة بقميص روما! شكراً توتي ".

أما رسالة نادي إنترميلانو الإيطالي فذكرته بهدفه الرائع:" لن ننسى اللوب الذى أحرزته فى السان سيرو لقد تشرفنا بمواجهتك خلال الـ25 سنة الماضية كل التوفيق ".

ومن قائد إلى قائد كتب ستيفن جيرارد أسطورة ليفربول السابق:" :" اليوم ملك روما سيلعب مُباراته الأخيرة لاعب خاص يستحق كُل التحية، كُلّ الإحترام لولاءه ووفاءه  لفريقه ".

وعقّب خافيير زانيتي اسطورة إنترميلانو:" عزيزي فرانشيسكو ، كُل مُحبي هذه الرياضة سيشتاقون إليك  تهانينا على ما قدّمته ، إمبراطور روما الأخير ".

كذلك نجوم يوفنتوس لم ينسوا المخضرم فقال ديل بيرو:" كُتب أن تنتهي بحفلة لك ومستقبل جيد فرانشيسكو ".

وجاءت رسالة باولو ديبالا:" سأحتفظ بقميصك مخلداً أتمنى لك الأفضل مهما كان قرارك فلتبقى كذلك دوماً توتي ".

ونختتم برسالة القائد المخضرم جيانلويجي بوفون:" كبرنا معاً واجهنا الخصوم، فرحنا وبكينا معاً".